قرأت قصيدة الشاعر الأديب القاضي الجرجاني رحمه الله فأعجبتني لما فيها من المعاني القوية في عزة النفس والإباء والأنفة وقد وددت أن أقدمها لكم حيث يقول:
يقولونَ لـي: فيكَ انقباضٌ وإنّمـا *** رأوا رَجلاً عن موقفِ الذُّلِ أحجما
أرى النّاسَ مَن داناهُمُ هانَ عِندهمُ *** ومن أكرمتْهُ عِزَّةُ النَّفـسِ أُكْرمـا
ولم أَقضِ حقَّ العِلمِ إنْ كانَ كُلَّمـا *** بـدا طمـعٌ صيرتـه ليَ سُلَّمـا
إذا قيلَ: هذا مَنهلٌ قلتُ: قـد أَرى *** ولكـنَّ نَفْسَ الحُرِّ تحتملُ الظَّمـا
أنزِّهُـها عن بعضِ ما لا يَشينُهـا *** مخـافة أقوال العدا: فيم أو لما ؟
فأصبحُ عن عَيبِ اللّئيـم مُسَلَّمـاً *** وقد رحت في نفس الكريم معظَّما
وإني إذا ما فاتني الأمرُ لم أبِـتْ *** أقـلِّـبُ كفّـي إثـره مُتَنَـدِّمـا
ولكنَّـه إنْ جـاء عفـواً قَبِلْتـه *** وإنْ مال لم أُتْبِعهُ (هلاَّ) و(لَيتما)!
وأَقبِضُ خَطويَ عن حُظوظٍ كَثيرةٍ *** إذا لم أَنلها وافرَ العِرضِ مُكَرمـا
وأَكرِمُ نفسي أنْ أُضاحِكَ عابسـاً *** وأَنْ أَتلقّـى بالمديـح مُـذَمَّمـا
وكم طالب رقي بِنُعماهُ لم يصـِلْ *** إليـه وإن كان الرَّئيسَ المُعظَّمـا
وكم نعمةٍ كانت على الحرِّ نِقمةً *** وكـم مغنَـمٍ يعْتـدُّه الحرُّ مغرَما
ولم أبتذِل في خدمةِ العلم مُهجَتي *** لأَخدِمَ مـن لاقيتُ لكـن لأُخدمـا
أَأَشقى به غَرْساً وأجنيهِ ذِلَّـة ؟! *** إذاً فاتِّبـاعُ الجهلِ قد كان أحزَمـا
ولو أنَّ أهلَ العِلمِ صانوه صانَهمُ *** ولو عظَّمـوهُ فـي النُّفوسِ تَعَظَّما
ولكن أهانـوه فهـانَ ودنّسـوا *** مُـحيّاهُ بالأطمـاعِ حتـى تَجهَّمـا
وما كـلُّ بـرقٍ لاحَ لي يسْتَفزُّنـي *** ولا كـلُّ من لاقيتُ أرضاهُ منْعِمـا
يقولونَ لـي: فيكَ انقباضٌ وإنّمـا *** رأوا رَجلاً عن موقفِ الذُّلِ أحجما
أرى النّاسَ مَن داناهُمُ هانَ عِندهمُ *** ومن أكرمتْهُ عِزَّةُ النَّفـسِ أُكْرمـا
ولم أَقضِ حقَّ العِلمِ إنْ كانَ كُلَّمـا *** بـدا طمـعٌ صيرتـه ليَ سُلَّمـا
إذا قيلَ: هذا مَنهلٌ قلتُ: قـد أَرى *** ولكـنَّ نَفْسَ الحُرِّ تحتملُ الظَّمـا
أنزِّهُـها عن بعضِ ما لا يَشينُهـا *** مخـافة أقوال العدا: فيم أو لما ؟
فأصبحُ عن عَيبِ اللّئيـم مُسَلَّمـاً *** وقد رحت في نفس الكريم معظَّما
وإني إذا ما فاتني الأمرُ لم أبِـتْ *** أقـلِّـبُ كفّـي إثـره مُتَنَـدِّمـا
ولكنَّـه إنْ جـاء عفـواً قَبِلْتـه *** وإنْ مال لم أُتْبِعهُ (هلاَّ) و(لَيتما)!
وأَقبِضُ خَطويَ عن حُظوظٍ كَثيرةٍ *** إذا لم أَنلها وافرَ العِرضِ مُكَرمـا
وأَكرِمُ نفسي أنْ أُضاحِكَ عابسـاً *** وأَنْ أَتلقّـى بالمديـح مُـذَمَّمـا
وكم طالب رقي بِنُعماهُ لم يصـِلْ *** إليـه وإن كان الرَّئيسَ المُعظَّمـا
وكم نعمةٍ كانت على الحرِّ نِقمةً *** وكـم مغنَـمٍ يعْتـدُّه الحرُّ مغرَما
ولم أبتذِل في خدمةِ العلم مُهجَتي *** لأَخدِمَ مـن لاقيتُ لكـن لأُخدمـا
أَأَشقى به غَرْساً وأجنيهِ ذِلَّـة ؟! *** إذاً فاتِّبـاعُ الجهلِ قد كان أحزَمـا
ولو أنَّ أهلَ العِلمِ صانوه صانَهمُ *** ولو عظَّمـوهُ فـي النُّفوسِ تَعَظَّما
ولكن أهانـوه فهـانَ ودنّسـوا *** مُـحيّاهُ بالأطمـاعِ حتـى تَجهَّمـا
وما كـلُّ بـرقٍ لاحَ لي يسْتَفزُّنـي *** ولا كـلُّ من لاقيتُ أرضاهُ منْعِمـا