1

Google

السبت، 17 أبريل 2010

دُعَا الحبوبات (1)


الدُعَا بضم الدال وفتح العين مع القَصْر يعني في الغالب الدعاء على شخص وهو مشتق من الفعل الدارجي "يدَعِّي". ويتنوع الدعا عند الحبوبات بتنوع المواقف الداعية إليه وهو فن برعت فيه الكثير من الحبوبات قبل أن يدخل التلفاز بيوتنا ويسلبنا جزءً حميماً من مفرداتنا ويستبدلها بعبارات من أمثال "يبعت لك حمى" أو "جاتك نيلة". وعند سماع مثل هذا الدعا قد يتصور الإنسان أن الحبوبة تتصف بالقسوة والغلظة إلا أن ذلك سيكون فهماً خاطئاً للحبوبة. فالحبوبة ظلت على مرِّ الأجيال أكثر أفراد الأسرة حناناً ودرسنا ذلك في قصيدة في المرحلة الابتدائية يقول الشاعر في مطلعها:

لي جدةٌ ترأف بي أحن على من أبي
ولذلك فإن دعا الحبوبة يكون هدفه الزجر والتوبيخ أو لرد بعض الأطفال الذين يحاولون الاعتداء على مجالها الشخصي الذي يتكون في الغالب من العنقريب والسحّارة أكثر من كونه طلباً لنزول الدعاء على المدعو عليه. وقد قلت أنه فن لأنه يتسم بسمتين أساسيتين هما: السجع والمفارقة. 
وبالنسبة للسجع فقد يقع بين الكلمات المكونة للدعا مثل "الصاقعة الشمشاْ فاقعة ومويتاْ ناقعة" أو قد يكون بين العبارات المكونة للدعا مثل "يدِّيك الكود ووجع اللغود" أو "تجيك الطاوية حبالاْ وشايلة الموت في عْقالاْ". 
أما المفارقة فإنها عنصر هام في دعا الحبوبات ونجدها في الكثير منه مثل "نار أم شلوة الأكلت الفكي وخلَّت الخلوة" وهي تضفي نكهة خاصة على الدعا وتجعله أقرب إلى أفلام الفنتازيا وإلا فكيف يُتصوَّر أن تشب نار فتأكل الفكي دون الخلوة التي يتعبد فيها. أو مثل "يديك عذاب ديك الحِضُوري البكشِّنو فيْ ويعوعِي" فأيُّ تعذيبٍ أشد من أن يُطبخ وهو حيٌ يصيح. ويكون الدعا في الغالب مربوطاً بكلمة قالها المدعو عليه فمثلاً دعا "يديك الكود ووجع اللغود" يمكن أن يكون رداً على طلب مثل "حبوبة أديني من اللالوب الفي سحارتك" وقد ترد الحبوبة بهذا الدعا تنفيساً عن غيظها عند اكتشافها معرفة ذلك الطفل المشاغب بوجود لالوب في سحارتها وهي التي كانت تظن أن لا أحد يعلم ما في جوف ذلك الصندوق ذي القوائم الأربع والباب الذي يُفتح من أعلى. وقد يأتي أحد أحفاد الحبوبة باكياً ليقول لها "صقعني عثمان بي حجر" فترد الحبوبة مباشرةً "وصاقعك في شنو؟ أريتو بالصاقعة الشمشاْ فاقعة ومويتاْ ناقعة". وقد تتشاجر بعض حفيدات الحبوبة فيتصايحن ويقطعن عليها غفوةً حالمةً فتصيح فيهن فتقول واحدة "لكن يا حبوبة، نفيسة قرصتني" فترد الحبوبة "يا نفيسة يا بتي ما تهجصي، بتقرِّصي مالك، يقرصك أب قرص اليٍعدِّمك الضرس".
برجع كان بقيت حي ،،،