مالكوم إكس والسودان
عمر زكي، 5 أبريل 2014م
(تم نشر هذه المادة في الأصل على موقع "الجالية السودانية ومركز المعلومات بلندن")
ترجمها إلى العربية: أبوبكر العاقب
مالكوم إكس في السودان مع الشيخ أحمد حسون، 1959م
(مصدرالصورة: nashwa89.tmblr.com)
يعتبر مالكوم أكس (الحاج مالك الشباز) من أكثر الناشطين تأثيراً في عصرنا مع تأثير متزايد على الأجيال المسلمة الحالية التي اكتسب نوعاً جديداً من الوعي. وفي وقت يتزايد فيه الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) في الغرب منذ أحداث سبتمبر والانتهاكات الكثيرة لحريات المسلمين، يظل مالكوم إكس مصدراً لتعزيز القوة والمتابعة الناقدة لإنشاء والحاجة إلى حركة قاعدية أوسع.
وبالنسبة للكثيرين داخل وخارج السياق الأمريكي يحظى مالكوم إكس بقدر كبير من الاحترام والاعجاب كرجل دافع عن حقوق الأفارقة الأمريكان وعن المستضعفين في العالم الثالث وأفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. وحتى روزا باركس التي أدى رفضها مغادرة مقعد في منطقة مخصصة للبيض إلى إشعال حركة الحقوق المدنية أشارت إلى أن قدوتها ومثالها الذي تحتذيه هو مالكوم إكس، وليس مارتن لوثر كنج الذي بنى على أعمالها وما قامت به.
وطوال سنوات نشاطه السياسي مع حركة أمة الإسلام وحتى وفاته كانت لمالكوم إكس مقابلات (تداخلات) قليلة لكنها مثيرة للاهتمام مع السودان والسودانيين. لقد سافر مالكوم إكس إلى السودان وزار مدينتي الخرطوم وأم درمان وتحدث عن السودانيين بلغة مدهشة "لقد اعجبت بالسودانيين وعلى الأخص المسلمين منهم. وليس هنالك مثيل لتقوى السودانيين وكرمهم في أي مكان. لقد شعرت فعلاً أنني في الجنة وبين أهلي".
وفي عام 1962م شعر مالكوم إكس بتزايد الامتعاض من كبار أعضاء حركة أمة الإسلام في شيكاغو بسبب الشهرة التي تحققت له حيث كانوا يشككون في تطلعاته لخلافة إلايجا محمد. وقد سعى مالكوم إكس إلى تغيير هذه النظرة بالحد من ظهوره في الإعلام والتقليل من ترويجه لجماعة إلايجا محمد والدفاع، في نفس الوقت، عن حركة أمة الإسلام ضد المسلمين الأصوليين.
أول المسلمين الأصوليين الذي قام بانتقاد حركة أمة الإسلام علانيةً كان طالباً سودانياً في جامعة بنسلفانيا اسمه يحيى حياري. وكان رد مالكوم إكس في شكل خطاب أرسله إلى ذلك الطالب ونشره في صحيفة (بتسبورغ كورير) قال فيه : "يصعب على أن أصدق أنك مسلم من السودان"واستمر في دفاعه بقوة عن إليجا محمد متهماً ذلك الطالب بأنه يبدو كـ "زنجي أمريكي تعرض لغسيل مخ" و"عاش في أمريكا المسيحية لفترة طويلة". ومع ذلك ظلّ حياري يثير مالكوم إكس.
وفي نفس السنة وأثناء فترة الأسئلة التي أعقبت خطبة في مسجد رقم (7) (مسجد حي هارليم النشط الذي أنشأه مالكوم إكس) اشتبك طالب سوداني آخر من كلية دارتماوث اسمه أحمد عثمان مع مالكوم إكس. وقد تحدى ذلك الطالب بصورة مباشرة مالكوم إكس بخصوص إدعاءات إليجا محمد التنبؤية وتأكيده على أن البيض هم في الحقيقة "شياطين" بالمعنى الحرفي للكلمة. وقد كان عثمان بالغ الإعجاب بمالكوم إكس لكن إجابته على ذلك السؤال لم ترُق له. وفي ما بعد تبادل الإثنان المراسلات وأرسل عثمان بعض الكتابات من المركز الإسلامي في جنيف شكره عليها مالكوم إكس واستزاده منها. ورغم طلب عثمان من مالكوم إكس اعتناق الإسلام الحقيقي إلا أن الأخير لم يكن مستعداً لذلك. ولا شك أن هذه المواجهات بين يحيى وأحمد ومالكوم إكس ساعدت في تمهيد الطريق لمالكوم إكس لاستكشاف الإسلام الأصولي حيث سيقوم في وقت لاحق بتضمين مداخلاتهم ضد حركة أمة الإسلام.
في الفصل الثامن عشر من السيرة الذاتية لمالكوم إكس التي قام بتحريرها أليكس هيلي وعند حديثه عن رحلته إلى الحج واللقاءات الودودة مع العديد من المسلمين الذين عبروا عن تضامنهم مع نضال الأفارقة الأمريكان في الولايات المتحدة، أشار إلى مسئول سوداني رفيع قام بمصافحته قائلاً "أنت بطل السود في أمريكا". وفي مكة نشأت صداقة بين مالكوم إكس وشيخ سوداني يدعى الشيخ أحمد حسون كان يقدم الدروس والمحاضرات في مكة لمدة خمسة وثلاثين عاماً. لقد أصبح هذا الشيخ في النهاية المرشد الروحي لمالكوم إكس وقام لاحقاً بالتدريس في مؤسسة المسجد الإسلامي التي أنشأها مالكوم إكس قبل عشرة أيام من إنسلاخه من حركة أمة الإسلام في عام 1964م. لقد كان الشيخ أحمد حسون هو الذي جهز جثمان مالكوم إكس للدفن في كنيسة فيث تمبل في حي هارلم الغربي، حيث يرقد، وأشرف على دفنه.
يشعر العديد من السودانيين أن بلادهم نادراً ما تذكر أو تُنصف بطريقة أو بأخرى في التاريخ المعاصر، وعلى كلٍ، يجب أن يفخر السودانيون حين يعلمون أن الكثير من السودانيين ساهموا في المسيرة الملهمة لحياة مالكوم إكس المعجزة.
----------------------
عمر زكي طالب سوداني نشط يحمل درجة البكالريوس في التاريخ من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية والسكرتير السابق لاتحاد طلاب الكلية. يعمل عمر زكي حالياً على إنجاز الماجستير في السياسات الدولية بمدرسة لندن للاقتصاد مع التركيز على النزاعات، الإنسانية وحقوق الإنسان.