1

Google

الاثنين، 4 أبريل 2016

رسائل التجهيل

رسائل التجهيل

 أبو بكر العاقب .. الرياض
14 يونيو 2015م


 

وردتني رسالة على الفيسبوك يقول من كتبها، كسر الله قلمه، أن هنالك كلمات نستخدمها في العربية ويجب علينا تفاديها كمسلمين لأنها تتعرض بالإهانة لديننا.

أوردت الرسالة أن كلمة "mosque" تعني بيت البعوض وأن كلمة "Mecca" تعني بيت الخمر وأن كلمة "Mohd" تعني الكلب واسع الفم. وفي النهاية طلبت مني الرسالة أن أنشرها لأنني إن كتمتها فسيلجمني الله بلجام من نار.

وتفادياً لهذا اللجام الناري طفقت أبحث عن معاني هذه الكلمات وأصولها حتى أستوثق مما أنشر وأعزز الحجة بالبراهين إن صحّ ما ورد في الرسالة آنفة الذكر.

أثناء بحثي عن كلمة mosque وأصولها وجدت من أشار إلى أن الكلمة تطورت من كلمة mosquito التي تعني البعوض بعد المقولة المنسوبة إلى ملك أسبانيا فردناند بأنه قال في بداية الحروب الصليبية أنه سيسحق المسلمين كما البعوض. ولعل من أهم ما يدحض هذا الزعم هو أن ظهور الكلمة نفسها في اللغة الإنجليزية، حسب مصادر اللغة، جاء في حوالي سنة 1711م وهو تاريخ بعد الملك فردناند والحروب الصليبية بكثير التي كانت في الفترة 1096م-1291م.

والراجح عندي بخصوص هذه الكلمة أنها تحورت من الكلمة العربية "مسجد" ثم انتقلت من لغةٍ إلى أخرى حتى وصلت إلى الإنجليزية بصيغتها الحالية. ويشبه ذلك تحور كلمات مثل Toledo من طليطلة وValladolid من بلد الوليد وTrafalgar من الطرف الأغر فالأولى والثانية مدن في اسبانيا والثالثة ميدان في قلب لندن عاصمة الضباب.

أما بالنسبة لكلمة "mecca" فهي كلمة إنجليزية تعني في الأصل المكان الذي يتجه إليه كثير من الناس من جماعة معينة أو لمنشط معين مثل كلمة "قِبْلة" بمعناها العام في اللغة كأن تقول "أصبحت مدينة أركويت قبلة المصطافين". وقد وردت الكلمة في قاموس "مريام وبستر" بالرسمين، Mecca وMakkah، وشرحها القاموس أنها مدينة في المملكة العربية السعودية وأنها مسقط رأس محمد وأولى المدن المقدسة في الإسلام.

الطامة الكبرى في الكلمة الأخيرة التي هي ليست كلمة إنجليزية أصلاً ولم ترد في أي من مصادر اللغة الإنجليزية قديمها وحديثها وحسب اعتقادي أنها كلمة استحدثها إخوتنا المسلمون في شرق آسيا لاختصار اسم "محمد" وأظن ذلك يعزى إلى طول أسمائهم. إذاً لا علاقة لكلمة "Mohd" بكلبٍ فمه واسع أو فيلٍ فمه ضيق.

ثم ماذا بعدُ؟

أولاً تكشف هذه الرسالة عن أحد أمرين؛ إما الجهل المفرط أو سوء النية للإساءة إلى دين الإسلام بإظهار أتباعه بهذا المظهر "العبيط". أما الأولى فلا عذر لمن تسبب بها إذ أنّ من جهل سأل ومن سأل علم. وأما الثانية فالأولى بنا أن لا ننساق وراءها ونكرر وننشر كل ما يقع تحت أصابعنا على الكمبيوتر أو الجوال محتسبين الأجر عند الله فلا أظن أن من ينشر السيئة بحسن نية يؤجر وقد قيل إن "الطريق إلى الجحيم مفروش بحسن النوايا" وأن "القانون لا يحمي المغفلين".

استوثقوا قبل أن تنشروا، فإن لم تستطيعوا أن تستوثقوا فالأجدر أن لا تنشروا مخافة أن تعمموا معلومة أقل خطرها أن تظهركم بمظهر الجهلة الذين يطنون بما لا يعلمون.

0 تعليقات :

إرسال تعليق